2011/01/27

فَخْري بِهِ ، مَدْحي لَهُ



بسم الله الرحمن الرحيم



فَخْري بِهِ ، مَدْحي لَهُ



والدي الكريم
الشيخ ( عبد الله الغانم السماعيل )
حفظه الله تعالى
آتاه الله صفات عديدة ، يصعب حصرها
كانت أمّه ( هيلة ) - رحمها الله تعالى - تلعِّبُه صغيرًا راحمة يُتْمَه وتقول :
" يالله عسى عبد الله نافلْ جيله ، وعسى عياله عدد فناجيله ! "
أتشرف أن يسمع أبي – حفظه الله تعالى - بعض الأبيات الزاهية بِذِكره



( هذا أبي ) إنّي أقولُ مُفاخِرًا
فَبِمِثْلِهِ يعلو الفتى في المَرْكَبِ

هي دَعْوةُ الأمِّ التي قدْ وافقتْ
بابَ السماءِ لِصوتِها لمْ يُحْجَبِ:

يا ربِّي فارْحمَ يُتْمَ طِفْلي وارعَهُ
واجْعَلْهُ (نافِلَ) جيلِهِ في المَكْسَبِ

واجعلْ لهُ ذريَّةً يا رازقي
تَعْدَادَ فِنجالٍ لهُ ! ذا مَطْلَبي

أغناهُ ربّي بعْدَ ( فقرٍ ) مَسَّهُ
آواهُ مِنْ ( يُتْمٍ ) مُخيفٍ مُتْعِبِ

الدِّينُ ؟ قدْ أدَّى الحُقوقَ لِربِّهِ
فَبِدينِهِ قدْ عاشَ عَيشَ الأطْيبِ

المالُ ؟ حازَ مكاسِبًا مِنْ حِلِّها
آتاهُ ربّي فوقَ فوقِ المَطلَبِ

قد جاءت الدُنيا له ! لم تطْغِهِ
فَبِزُهْدِهِ قدْ صارَ عينَ المَضْرَبِ

مُتواضِعٌ للكلِّ غيرَ مُفَرِّقٍ
بينَ الأعاجِمِ أو شريفٍ يَعْرُبي

أنا لا أقولُ مُبالِغًا في فَضْلِهِ
أنَّى بلوغُ خِصالِ مِثْلِكَ يا أبي !

أمّا المُؤانِسُ والمُؤازِرُ والذي
قدْ ظلَّ طُولَ حياتِهِ لمْ يغْرُبِ

هُو خِلُّهُ بَعدَ العِشاءِ مُسامِرًا
وجليسُهُ في الفجْرِ لمْ يتَغَيَّبِ

ذاكمْ كتابُ اللهِ خيرُ مُرافقٍ
فانْظُرْ تراهُ مُرَتِّلاً لمْ يعْزُبِ

يا ربِّي قدْ كانَ الكتابُ مُصاحِبًا
ومُرافِقًا في الحِلِّ والمُتَقلَّبِ

فاجْعَلْهُ خيرَ مؤانِسٍ في وَحْشَةٍ
بَعْدَ الرّحيلِ ! وحينَ بُعْدِ الأقرَبِ !

واجْعَلْهُ في الفِرْدَوسِ قائده الذي
يَرْقَى بِهِ ، مِصْدَاقَ ما وَعَدَ النّبيّ


( أسْرارُهُ ) كَمْ خَصَّني في بَوْحِها
فِعْلَ المُصاحِبِ للصّديقِ الأرْحَبِ

حتّى غَدَوْتُ بِفَضلِ ربّي قارئًا
في فِكْرِهِ أفْكارَ ما لمْ يكتُبِ

وغَدَوتُ أشعُرُ ما يجولُ بِخاطِرٍ
لو لمْ يَقُلْ ! فالقلبُ منهُ بِمَقْرُبِ

يا ربّي إنّي إنْ رُزِئتُ حَبيبَتي
( أمّي ) ، فسلِّمْ يا إلهي لي ( أبي )

بارِكْ لنا بِبَقائهِ يا خالقي
فهُوَ المُوجِّهُ نحْوَ عِلْمٍ طَيِّبِ

فَخْري بِهِ ، مَدْحي لَهُ ، هُوَ قُدوتي
يمشي الهُوينى في الطّريقِ الأصوبِ

قدْ حُقَّ لي بينَ المَحافِلِ كلِّها
أنِّي أفاخِرُ صادِقًا : ( هذا أبي )!





ابنكم الفخور بِجَنابِكم
د / إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل
فَجْرَ الخميس الأغرّ
23 / 2 / 1432هـ

2011/01/22

سِيّان بعدَكِ أيامُ عيشي !


بسم الله الرحمن الرحيم




سِيَّانُ بَعْدَكِ أيامُ عَيشي!


(الزَّفْرَةُ الرَّابِعَةُ)


أمّي الراحلة
( نورة بنت عبد العزيز بن غنيم المانع )
- رحمها الله تعالى رحمة واسعة -


مضى على رحيلها حولان كاملان ! ولم تزدنا أيام فراقها إلا شوقًا للقائها !
أراها أمام عينيَّ كلَّ حين ! ولكنَّ أجواء ( الشتاءِ ) والاجتماع على ( الوِجار ) ورائحة الدّلال ، وإحاطة الأهل والزوّار حولَ ( أمّي ) ، لكنَّ ذلك كلّه يبعث على ذكرى أمّي – رحمها الله تعالى – بمذاق خاص ، فهي ساعات لا يُغني عنها غيرها ! فإليك ( أمّي المفارقة بجسدها ) هذه الأبيات مع الدعاء بواسع الرحمة لروحك الطاهرة:


يحلُّ الشتاءُ فأذكرُ أمّي
وأنَّى السُّلوُّ ليومِ النّشورْ

وأذكُرُ أُنْسًا بمجلسِ أمّي
وطَعْمَ (الحُنَينيِّ) وقتَ الفُطورْ

و كأسَ الحليبِ معَ الزنجبيلِ
وحولَ (الوِجارِ) بقايا البُخورْ

وريحُ (الغضا) حينَ أُشعِلَ دِفأً
يذكِّرُني يومَ جَمْعِ السرورْ

أراكِ أأمّيَ في الضوءِ ظِلا
وتغمرُني فيكِ ذِكرى الحُبورْ

فأذكرُ أمّي بمجلسِ أنسٍ
تؤانِسُ أمّيَ كلَّ الحُضورْ

تمازِحُ (خَالِي) ، ترَحِّبُ فينا
تُقَبِّلُ خدَّ وليدي الصغيرْ

ضيوفٌك أمّيَ منْ كلِّ طَيفٍ
فللهِ دَرُّ الفؤادِ الكبيرْ

تُظلِّلُنا مِثلَ ورقاءِ دَوحٍ
فواحسرتا ! كيفَ سِرْبُ الطيورْ؟!

فهذي ليالي شتائيَ أمّي
تمرُّ بِبُطءٍ ! لفقدِ السّميرْ؟

إذا كانَ أُنْسٌ ذكرْتُكِ أمّي!
وإنْ كانَ همٌّ فما من مُجيرْ

إذا ماتَ خِلٌّ تجدَّدَ حُزني
فأشعُرُ في القلبِ وَقْدَ السعيرْ

و واللهِ إنّي لدى كلِّ حَفلٍ
أراكِ أمامي ! وما ذا بِزورْ

وإنّي وربّي حفيظٌ شهيدٌ
لأبصِرُكِ بينَ هذي السطورْ

إلهيَ فاملأْ فؤادي يقينًا
فما عِدتُ أملِكُ كَتْمَ الشعورْ

فـ(عامانِ) تمَّا بُعَيدَكِ أمّي
أطاوِلُ لَيْلِي بِعَدِّ الشهورْ

أقول : سأسلو ، و ذاك مُحالٌ
وأنَّى سلوُّ مُصابٍ أسيرْ!

وأبحَثُ بعدَكِ عنْ ظِلِّ أمْنٍ
فأرجِعُ أمّي كطَيرٍ كسيرْ

تَزورينَ ليلاً منامِيَ طَيفًا
فأزدادُ شوقًا كطِفْلٍ صغيرْ!

وسِيَّانُ بَعْدَكِ أيامُ عيشي
فما كِدتُ أشعُرُ يومَ السّرورْ

تساوتْ بُعَيدَكَ لذاتُ دُنيا
فسُكنى البَراري كسُكنى القصورْ

وإنّي بدونِكِ يا نورَ عينِي
تَبَدَّلَ كَوني ظلامًا بِنورْ

وإنّي وربّيَ علاّمُ حالي
لأبصِرُ أُنسيَ بينَ القبورْ

وإنّي وأستغفِرُ الله ربّي
أُقَبِّلُ قبْرَكِ رَجْوى الحُبورْ

أُقبِّلُ قبْرًا أحسُّ بأمّي
تُقَبِّلني رَغْمَ تلكَ الصّخورْ

يكادُ فؤادي يَطِيرُ لأمّي
وليسَ سوى خالقي مِنْ مجيرْ

ومِمَّا يُخَفِّفُ لَوعاتِ حُزني
(أبي) بدعاءِ الشفيقِ الوقورْ

دُعاءُ ( أبي ) حينَ ذِكْرِكِ أمّي
يفيضُ وفاءً بِصِدْقِ الشّعورْ

وأسلو بِبيتِ الكريمةِ ( لولو )
تُلَمْلِمُني في حَجاها المَزورْ

أراها فأبصِرُ أمّي تطِلُّ
بروحٍ رَفِيفٍ ووجْهٍ مُنيرْ

ولا يَجْبُرُ الرُزءَ أمّاه إلا
يَقِيني بفضلِ الرَّحيمِ الغفورْ

يَقِيني بوعْدِ إلهي يَقِيني
وعُقْبَى المُوَحِّدِ دارُ السّرورْ



ابنك المشتاق
د / إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل
ظهر الجمعة المباركة
17 / 2 / 1432هـ