بسم الله الرحمن الرحيم
أمّي بِهَا قَلْبِي الجَرِيحُ مُعَذَّبُ
أمّي الراحلةُ جَسَدًا الحاضرةُ ذِكْرى وطَيفًا
( نورة بنت عبد العزيز بن غنيم المانع )
- رحمها الله تعالى رحمة واسعة –
مُنذُ وفاتها قبل عامين وشهرين ( ضحى يوم السبت 3 / 3 / 1430 هـ )
وعينايَ تراها يقظةً بِطيفِها المشرق،
ومنامًا حينما تزورني في رؤى صالحة أنعمُ بها لياليَ عديدة ،
فجاءت (الزَّفْرَةُ الخَامِسَةُ)
أمّي بها فِكري يَجولُ وَيُطْنِبُ
أمّي بها قلبي الجريحُ مُعذَّبُ
ربّاهُ فاملأ باليقينِ فؤادَ مَنْ
قد باتَ في أحزانِهِ يتقلَّبُ
مُتقلِّبٌ بينَ الحنينِ لوجهِها
والشوقِ حينَ أجيئُها فَتُرَحِّبُ
ترحيبُ أمّي لا يقومُ بِوَصفِهِ
شِعري ولو أفنيتُ دهري أكتُبُ
وظننتُ وقتي قد يُخَفِّفُ لَوعَتي
لكنَّ حُزني بالحبيبةِ مُطْنَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ دمعَها لِسرورِنا ؟
تبكي لنا فَرَحًا بِقَلْبٍ يَطْرَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ حُزْنَها لِغيابِنا ؟
فتظلُّ تَرْقُبُ أنْ يعودَ الغُيَّبُ
ماذا سأذكرُ ؟ إنْ تألَّمَ نِجْلُها
للهِ تشكو حُزنها ، وتُطَبِّبُ
ماذا سأذكرُ ؟ أُنْسَهَا بِنَجاحِنا ؟
تَشْجِيعَها إن كانَ أمرٌ أصْوَبُ ؟
ماذا سأذكرُ ؟ مِنْ وصاياها التي
ترعى بها أولادَها كي ينجُبُوا
ماذا سأذكرُ ؟ إذْ تُشَنِّفُ مَسْمَعي :
اِلزَمْ أباكَ ، فإنَّهُ نِعمَ الأبُ
ماذا سأذكرُ ؟ مِنْ وصاياها لنا :
اِرعوا أُخوَّتكمْ ولا تتشعَّبوا
ماذا سأذكرُ ؟ إذ تردِّدُ نُصْحَها :
بِنتي الوحيدةُ يا بَنِيَّ فقرِّبوا
ماذا سأذكرُ ؟ إذْ تُعاتِبُنا على
ضَرْبِ الصِّغارِ ؛ فإنهُ لا يُكْسِبُ
ماذا سأذكرُ ؟ إذْ تُراعي خَادِمًا ؟
إنَّ الضعيفَ إلى حِماها الأقربُ
ماذا سأذكرُ ؟ نِسوةً يأتينَها ؟
إكرَامُها يغشاهُ صَدْرٌ أرْحَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ وَصْلَها ؟ صَدَقاتِها ؟
إنَّ العطاءَ بِطَبعِها لمُحبَّبُ
وبِسَوقِ فِطْرَتِها تَعَدَّدَ نَفعُها
يحظى البعيدُ ، وكَمْ ينالُ الأقرَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ عِفَّةً لِلِسانِها ؟
طُهْرٌ ، فحاشاها الكلامُ الأخيَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ صَمْتَها ؟ وحياءَها ؟
جُبِلَتْ على خُلُقٍ كريمٍ يُرْغَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ مِسْكَها ؟ وعبيرَها ؟
مِنْ كلِّ صِنْفٍ ريحُها متطيِّبُ
ماذا سأذكرُ ؟ إذْ تُبرِّدُ كأسَنا ؟
كأسًا بكأسٍ في إناءٍ يُسْكَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ طَعْمَ إفطارٍ لنا ؟
نبقى صِغارًا مِنْ يديها نَشْرَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ نكهَةً لِغدائنا ؟
كُنَّا مُلوكًا في قِراها نُسْهِبُ
ماذا سأذكرُ ؟ نومَنا بِجِوارِها ؟
ولِوَجْهِهِا بِمَبيتِنا نَتَطلَّبُ !
ماذا سأذكرُ ؟ كلّما تدعو لنا ؟
أوَّاهُ ! إنَّ دعاءها لا يُحْجَبُ
ماذا سأذكرُ ؟ لَمْ يَغِبْ وَجْهٌ لها
ذاكَ المُحَيَّا مُشرِقٌ لا يَغْرُبُ
ولِمَ التذَكُّرُ ؟! إنها موجودةٌ !
ذا طَيفُها مُتَلأْلِئٌ لا يَعْزُبُ !
ابنك الداعي لك بالرحمة
د / إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل
ضُحَى السبت 5 / 5 / 1432هـ