2010/03/26




بسم الله الرحمن الرحيم




( شَقْراءُ ) كَمْ أَنْجَبَتْ



جائزتا ( آل الجميح ) العلميتان للتفوق العلمي ، وحفظ القرآن الكريم في ( شقراء ) محفل سنوي مشهود ، تفتخر به ( شقراء ) وأهلها ،
واليوم يشرِّف هذا الحفلَ أحدُ أبناء ( شقراء ) البررة ،
معالي الشيخ الدكتور / محمد بن عبد الكريم العيس ( وزير العدل ) ،
فإلى معاليه نهدي هذه الأبيات ،
مع الشكر الخالص لأهل الكرم والجود ( آل الجميح ) وعلى رأسهم
سعادة الشيخ محمد بن عبد العزيز آل الجميح ،
وسعادة الشيخ حمد بن عبد العزيز آل الجميح


نُورٌ تألَّقَ مِنْ ( شَقْراءَ ) قدْ سَطَعَا
في مَحْفَلٍ مِنْهُ وَهْجُ العِلْمِ قَدْ لَمَعا

( شَقْراءُ ) قدْ فَخَرَتْ أنْ حلَّ مَرْبَعَها
قومٌ كِرامٌ بِهمْ ذا الفَخْرُ قدْ جُمِعا

في مَحْفَلٍ زَادَهُ عِزّاً ومَفْخَرَةً
أنَّ (الوَزيرَ) إلى أفْيائهِ انتَجَعَا

إيهَ ( ابنَ عِيسَى ) لَكُمْ في القلبِ مَنْزِلَةٌ
يا سَلَّمَ اللهُ هذا البَدْرَ إذْ سَطَعَا

( وزيرُ عَدْلٍ ) لهُ فَضْلٌ ومَكْرُمَةٌ
رأيٌ حَصيفٌ وَصَوتٌ بِالهُدى صَدَعَا

( آلُ الجُميحِ ) بِهَذا اليومِ عادَتُهُمْ
إضْفاءُ جُودٍ بِهِ المِعْطَاءُ قَدْ طُبِعَا

اليومَ جائزَةُ القومِ الكِرامِ الأُلى
قَدْ شَجَّعُوا العِلْمَ يَا لَلَفَضْلِ مَا صَنَعَا !

(آلُ الجُميحِ) وَمَنْ مِثْلُ (الجُميحِ) سَنَا؟!
أفعالُهمْ شُهِدَتْ والقَولُ قَدْ سُمِعَا

أبناءُ ( شَقْراءَ ) في ذا اليومِ مَحْفَلُهُمْ
يَجْمَعْهُمُ العِلمُ يا نُعْمَا لِما جَمَعَا

العِلمُ أرْواهُمُ مِنْ عَذْبِ مَنْهَلِهِ
واليومَ نَحْصِدُ ما بالأمسِ قدْ زُرِعَا

أَبْشِرْ وَبَشِّرْ فَحُسْنُ العِلمِ مُكْتَمِلٌ
وهَا هُوَ الجِيلُ مِنْ أبْراجِهِ طَلَعَا

عِلْمٌ يقومُ على القرآنِ مَنْهَجُهُ
وَسُنَّةِ المُصْطَفَى ، رُكْنَا الحَياةِ مَعَا

عِلْمٌ يُقوِّمُ أخلاقاً لناشئةٍ
لِينبِذَ الجَهلَ والإسفافَ والبِدَعَا

عِلمٌ يقومُ على المِنْهاجِ مُعْتَدِلاً
ورُوحُهُ أنْ يَبيتَ العُنْفُ مُقْتَلَعَا

( شَقْراءُ ) فافتَخِرِي بِبِرِّ مَنْ نشؤوا
على الكِتابِ فَذَاكَ العلمُ كَمْ نَفَعَا

( شَقْراءُ ) كَمْ أَنْجَبَتْ مِنْ مَاجِدٍ وَلِهٍ
ظَلَّ الفُؤادُ لِذاكَ الحُبِّ مُرْتَبِعَا

إليكِ ( شَقْراءُ ) كَمْ قَدْ شَاقَهُمْ وَلَهٌ
رَغْمَ البِعادِ قَديمُ العَهْدِ ما انْصَدَعَا

أبناءُ( شَقْراءَ ) إنْ شطَّ المَزارُ بِهمْ
مِثْلُ الحَمَامِ إلى أوطانِهِ سَجَعَا


د / إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل


15 / 4 / 1431هـ

2010/03/25


بسم الله الرحمن الرحيم


أمير القلوب

بمناسبة رعاية صاحب السمو الملكي الأمير / سلمان بن عبد العزيز آل سعود
أمير منطقة الرياض حفظه الله تعالى ، الحفل السنوي لجمعية تحفيظ القرآن الكريم
لهذا العام 1431 هـ ، أتوجه بهذه الأبيات إلى أهل القرآن ، شباب الخير ، وشامة الوجود ، وفخر الأمة ، سائلاً الله تعالى أن يجعلنا منهم ، مع الشكر الجزيل لسمّو الأمير الكريم :

يا أميرَ القلوبِ طِبتْ أميراً
في خِصَالِ الأميرِ طابَ الثناءُ

إيهِ سلمانُ سِرْ بِنَا أنتَ طَوْدٌ
شامِخٌ سامِقٌ وفيكَ الإبَاءُ

إيهِ سلمانُ كلُّنا رهْنَ أمْرٍ
في ظِلالِ الكِتابِ عَمَّ الرَّخَاءُ

إيهِ سلمانُ سِرْ بِنا نَحْنُ جُندٌ
ندْحَرُ البغيَ إنْ تمادَى البلاءُ

إيهِ سلْمانُ أنتَ فِينَا مِثَالٌ
إخْوَةُ الدِّينِ نِعْمَ فِيها الإخاءُ

دولةٌ والكِتابُ فيها مَنَارٌ
وَصَفَاءُ التَّوحِيدِ نِعْمَ النَّقاءُ

وإليكمْ شبابَنا ذا مديحي
زادَ فيكُمْ بذا الكتابِ الضِياءُ

يَشهدُ الكلُّ أنكمْ صُلَحَاءُ
أخبرتْنا بفضلِكمْ أنباءُ

يَبحثُ الناسُ عنْ جليسٍ وفيٍّ
زَمَنَ الغَدْرِ أنتمُ الأوْفِيَاءُ

حينَ ضجَّ الجميعُ يبغي المعالي
ما أرادتْ سِواكمُ العَلْياءُ

يُسْهِرُ الغافلينَ لهوٌ رخيصٌ
حينما تُسهركمُ ( الإسراءُ )

يا بنفسي كلُّ شهمٍ تَقِيٍّ
يَعجَزُ الوصفُ عنكمُ والثناءُ

في رِحَابِ الكِتابِ طابَ لقاكمْ
زَانَ فِيكمْ أيا صِحَابيْ اللقاءُ

والكتابَ العزيزَ حسَّنتُموهُ
أنْتُمُ الناسُ أيُّها القُرَّاءُ

إنْ تَبَارَى العُشَّاقُ في كلِّ فَنٍّ
يَعْشَقُ الفَجْرُ ذِكْرَكمْ والمسَاءُ

همةٌ تأنفُ الحياةَ بذلٍّ
دونَ ذاكم تطامنُ الجوزاءُ

مَنْبَعٌ ليسَ يَعْتَرِيهِ نُضوبٌ
دونَ شَكٍّ فَذا الكتابُ غذاءُ

سَمْتُكُمْ أيُّها الصِحابُ شُعَاعٌ
بوجوهٍ تَزِينُها الأضواءُ

(صَبْوةٌ) للشبابِ ضلَّتْ طريقاً
فيكمُ قدْ تلاشتْ الأدواءُ

أنتمُ طَوقُ النَّجاةِ إذا ما
أجلبتْ عندَ حَرْبِنا الأعداءُ

أنتمُ بَلْسمُ الحياةِ وأنتمْ
لطريقِ السالكينَ الضَياءُ

يا بنفسيْ قاري الكِتابِ إذا ما
عُطِّرتْ في ندائهِ الأجواءُ

تحفظُ الآيَ في البكورِ اقتداءً
حينَ أوْدى بالغافلينَ الغِنَاءُ

إنْ تباهى الشَّبابُ في كُلِّ لَهْوٍ
فالكتابُ الحميدُ فيكمْ وِقاءُ

ليسَ مَنْ يَقرأُ الكتابَ بِحَقٍ
مثلَ مَنْ مِلءُ وَقْتِهِ الأهواءُ



د / إبراهيم بن عبد الله السماعيل

28 / 2 / 1431 هـ
ias1429@gmail.com

2010/03/23


بسم الله الرحمن الرحيم
الأمير ( بندر السديري ) مات ولم يغِب !

رحم الله الأمير ( بندر بن أحمد السديري ) ووالديّ والمسلمين ، رحل الأمير( بندر ) قبل سبع سنوات، وذِكره باق في الناس ، وكأنه حاضر في مجلسه الذي طالما عمره بالنُخَب من العلماء والمفكرين، والوجهاء والوزراء والدبلوماسيين ، ورجال الأعمال والفقراء والمحتاجين !
ذِكر الأمير الراحل ( بندر ) باقٍ بفضل الله تعالى إذ جعل له أولادًا صالحين ، يسيرون على ما كان أبوهم سائر عليه من الكرم ، وحب الناس ، وسروره بخدمة الآخرين
وينشأ ناشىء الفتيان فينا على ما كان عوَّدهُ أبوهُ
لقد كان اجتماع الخميس الماضي في مزرعة الأمير ( بندر ) رحمه الله ووالديّ والمسلمين خير دليل على أن المرء إذا كان عقبه أمثال الأمير (أحمد بن بندر ) وإخوانه الأمراء ( سلمان ونايف وتركي ) فإنه حيٌّ بين الأحياء ولو واراه الثرى ، ورُصّت عليه اللبنات منذ أعوام !
إن بِرَّ الأمير ( أحمد بن بندر ) وإخوانه لشاهد على حسن تربيتهم ، ومنارة على علو كعبهم في الأخلاق التي اقتبسوها من أبيهم الراحل ، إذ إن كلَّ مَن حضر ذاك المنتدى الأدبي العلمي الاجتماعي يشهد بجميل صنيعهم ، وحسن استقبالهم ، وكرم ضيافتهم .
ولعل أول ما يشدّ انتباه الحاضرين ، ويثير إعجاب ضيوف تلك الليلة ما قامت به اللجنة الفنية للمنتدى من إعداد ( فيلم وثائقي ) مصوّر عارضًا حياة سمو الأمير ( بندر ) منذ النشأة ، مشيرًا إلى مراحل تعليمه ، مع ذكر شيوخه في ( الغاط ) والذي أسعدني وشرفني أن يكون أول شيوخه المذكورين في هذا العرض هو عمي الشيخ ( سليمان بن محمد السماعيل ) رحمه الله تعالى ، وهكذا كنا نعيش مع هذا التوثيق الرائع وكـأننا نتقل معه من الغاط إلى دخنة إلى الملز فالناصرية .
حقًا لقد كانت تلك الليلة المباركة ليلة متنوعة المعاني ، جميلة المباني ، متعددة البرامج ، ثريّة الأطروحات، فإن شئت أن تستمع إلى حديث عن ( الإبل ) مقرون بالإعجاز العلمي فيها فستجد البرفسور المتخصص الذي يحدثك عن ذلك صوتًا وصورة، وإن تاقت نفسك إلى لذيذ الشعر ( فصيحه ، وعاميّه ) فإن مداخلات الشعراء سترويك وتغنيك ، وهو مجلس لم يخل من موعظة صادقة ، ونصيحة هادفة ، وكلمات مجرّبين ، وإبداعات شبابية مازجت بين الأصالة والمعاصرة .
ومن أجمل الجميل في ذلك المنتدى التميز في حضوره ، إذ ضم المجلس أصحاب السمو ، والمعالي والفضيلة ، والسعادة ، كما ازدان المحفل بالضيوف الكرام من خليجنا الغالي ، ووطننا العربي ، والأصدقاء غير العرب ، والكل – رغم كثرة عددهم – قد اتسع لهم صدر المضيف الكريم الأمير ( أحمد بن بندر ) قبل أن يتسع لهم مجلسه الفسيح ، فأنت لا ترى الأمير ( أحمد ) إلا مرحِّبًا بهذا ، باشًّا بذاك ، مستقبلا القادم ، وقائمًا للصغير والكبير ، حتى يكاد يرى أي ضيف في ذلك المجلس – مهما كان - أنه هو المدعو الرئيس فيه لما يجده من تواضع وحفاوة الأمير ( أحمد ) وإخوانه به وترحيبهم الصادق به بين وقت وآخر .
وإنني إذ أشكر أصحاب السمو الأمير ( أحمد ) وإخوانه على برّهم أباهم وإحياء ذِكره ، وتجديد الترحم عليه فإنني أسأل الله أن يزيد مثل هذه الصور المشرقة في سماء وطننا الأصيل ، وأدعو كلّ راغب في البر أن يحذو حذو هؤلاء الكرام ، ومن المقترحات لراغبي البرّ بوالديهم الراحلين أن يحرصوا على إقامة مراكز اجتماعية، ومؤسسات خيرية تخدم المجتمع وتقوم على سد حاجة المحتاج ، وإعانة الراغبين بالزواج، وقضاء الديون ، مع العناية بالمشاريع التعليمية ، والمناشط التربوية ، وخدمة الشباب ، وتثقيفهم ضد ما يُراد بهم من انحراف فكري أو خُلقي ، وإقامة الدورات ، وتعليم المهن التي تعين الفقير أن يعين نفسه ، ومن المستحسن أن تحمل هذه المراكز ( أسماء ) من نريد برّهم إحياءً لِذكرهم ، وتجديدًا للترحم عليهم ، ورُبّ دعوة ملهوف توافق باب إجابة تكون من خير البرّ وأعظم الوفاء .
وختامًا فإنني أسأل الله للأمير ( بندر ) ولوالديّ والمسلمين رحمة منه تعالى ، وأسأله أن يجعل في ذرياتنا أمثال هؤلاء الأبناء البررة ( أحمد ) و ( سلمان ) و ( نايف ) و ( تركي ) أبناء الرجل الذي مات ولم يغِبْ .

د / إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل

ias1429@gmail.com
الجمعة 3 / 4 / 1431هـ

2010/03/19

ذهب الردى بجميلة الأخلاق


بسم الله الرحمن الرحيم
ذهَبَ الرّدى بِجَميلةِ الأخلاقِ !
رحلتْ ابنةُ الخالِ الأختُ الفاضلةُ
مشاعل بنت عبد الله بن فضلية
عن دنيانا الفانية فرحمها الله رحمة واسعة ، اُبتليتْ فصبرتْ ، حتى ووريت الثرى عصر الجمعة المباركة ، أسأل الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته ، وأن يجعل ما أصابها تكفيرًا لذنوبها ورفعة لدرجاتها، رحمك الله أختيأم ثامر بن محمد العساف ، وجعل ذريتك امتدادًا لعملك الصالح :

ذَهَبَ الرّدى بِجَميلةِ الأخلاقِ
وتَفلَّتَتْ إذْ لمْ يُغِثْها الرّاقي

وَتَرَحَّلَتْ عنَّا ( مَشاعلُ ) بَعدما
حُمَّ القضاءُ وليسَ ثمَّ بَوَاقِي

أوَ هَكذا هَجَمَ المُفرِّقُ للورى
وكأنّنا لمْ نَبْتَهِجْ بِرِفاقِ !

رَحلَتْ ( مَشاعلُ ) ! يا لَهول مصيبةٍ
ورَحلَتْ فَذُقْنا لوعةً لِفِراقِ

إنَّ المنيةَ إنْ تَدَانى حينُها
لا الطِّبُّ جادَ وليسَ مِنْ تِرْياقِ

رَحلَتْ أنيسةُ مَجْلِسٍ عَنْ مَجْلِسٍ
بِوجودِها قدْ كانَ حُلْوَ مَذاقِ

رَحلَتْ حَبيبةُ ( أمِّنا ) في إثرِها
عامٌ مضى مِنْ بَعْدِ هَولِ فِراقِ

وكأنَّها اشتاقتْ لرؤيا ( عَمَّةٍ )
يا أُنْسَها إنْ كانَ ثمَّ تلاقِ !

يا خالتي ، صبرًا فِراقَ ( مَشاعلٍ )
فالموتُ حَقٌّ ما لَهُ مِنْ واقِ

يا ( أمَّ نافعَ ) جَلَّ أمْرُ فِراقِها
إنَّا لنَرجو رحمة الخلاّقِ

ولْتَبْشِري عندَ الإلهِ بِفَضْلِهِ
( بيتُ المَحامِدِ ) حيثُ خَيرُ تلاقِ

و( البَندريُّ ) أيا رفيقةَ دَرْبِها !
صَبْرًا ، ففي الجنّاتِ عيشٌ راقي

يا ( نافِعٌ ) ماذا أقولُ ؟ مصيبةٌ
إذ سُجِّيتْ والتفَّ عَظْمُ السّاقِ!

يا ( ثامِرٌ ) بِرٌّ بِأمِّكَ ما انتهى
دَعَوَاتُكمْ للأمِّ نورٌ باقي

يا ( شيخةٌ ) لِفراقِ أمِّكِ كَمْ بَكَتْ
عينٌ تجودُ بِدَمعِها الرّقراقِ

إنَّ الدّعاءَ لَخيرُ ما يُهدَى لَها
فَدعاؤكم بِرٌّ لِنَيلِ مَرَاقِي

أجر الصّيامِ مع القيامِ كليهما
أرجوهُ ذخرَ ( مَشَاعلِ ) الأخلاقِ

أخوك الداعي لكِ بالرحمة
د / إبراهيم بن عبد الله السماعيل

2010/03/10


بسم الله الرحمن الرحيم
عرض كتاب (عبد الله بن حمد الحقيل سيرة أدبية)
كتاب لا تشعر بأناملك حين تلامس أول صفحاته وإلا وهي في صفحته الـتسعين بعد المئة، لما في هذا الكتاب من التشويق ، والمتعة ، والفائدة ، اسم الكتاب ( عبد الله بن حمد الحقيل سيرة أدبية ) للمؤلف الأستاذ الأديب (عبد الله الزازان) ، ولكم كانت سعادتي كبيرة ذلك المساء الذي أهداني الأستاذ الكبير ( عبد الله بن حمد الحقيل ) هذا الكتاب ، أهدانيه بابتسامته العفوية التي لا تكاد تفارق محياه ، وعندما رجعت إلى منزلي سارعت إلى قراءته ليلتي تلك ، فشدني ما في الكتاب من تجارب شخصية لرجلٍ من رجالات هذا الوطن المعطاء ، السيرة الأدبية المبثوثة في هذا الكتاب القيّم لا تقف فائدتها على عرض سيرة الأستاذ القدير ( عبد الله بن حمد الحقيل ) مع أنها سيرة بحد ذاتها عاطرة تستحق الوقوف ، ولكن مما يزيد أهمية هذا الكتاب أنك تقرأ حقبة من تأريخ وطننا في مرحلة التأسيس ، حيث أهمية الريادة في كثير من الأمور ، ومن أجلها ميراث الأنبياء عليهم السلام ، التربية والتعليم ، وإنشاء المدارس، والسفر لافتتاح مدرسة في الشمال أو الجنوب أو هنا أو هناك من أطراف البلاد المباركة.
بدأ المؤلف الأستاذ عبد الله الزازان بكلمة للأستاذ الحقيل بعنوان (خلاصة تجربة ) ، ثم عقد المؤلف فصلاً بعنوان (تجارب وذكريات ) عرض فيها لبدايات دراسة الأستاذ الحقيل حيث كانت المرحلة الابتدائية في المجمعة المدينة الوادعة ، ثم ما تبع ذلك من مشقة السفر في الرحلة البرية الشاقة عبر الفيافي والمهامه والمفاوز والرمال للالتحاق بدار التوحيد بالطائف ، ومواصلة التعليم والتخرج في كلية اللغة العربية سنة 1378هـ ، ثم يجد القارىء ابتعاث الأستاذ الحقيل إلى أماكن عديدة في بيروت وأمريكا ، وما صحب ذلك من مواقف عديدة ، ثم نصل إلى مؤلفات أستاذنا الكبير (عبد الله الحقيل ) التي قاربت العشرين مؤلفاً ، بدءاً بكتاب ( كلمات متناثرة ) الذي نشر عام 1390هـ ، وشعار أستاذنا الكبير في مؤلفاته هو "خير القول ما صدق فيه قائله وانتفع به قارئه" ، ثم وصلنا إلى شِعْر الأستاذ الحقيل وموضوعاته المتنوعة،وفي (في مرآة المثقفين ) نقتطف ما كتبه الأستاذ حمد القاضي في إحدى مناسبات تكريم الأستاذ الحقيل ، حيث قال :" ...وكنت له رفيق سفر ، فما رأيته معانداً في رأي أو مغاضباً لصديق ، إنه لا يبتعد عن لغة الحلم ، ولم يبدل بها تبديلاً ، و لم أره طوال علاقاتي به غاضباً أو حانقاً أو منفعلاً ، إنه (بحيرة من الهدوء) في حالتي الغضب والرضا ..." ، ويذكر المؤلف في فصل خاص (الحوارات الصحفية ) مع الأستاذ عبد الله الحقيل ، وفي فصل هو غاية في المتعة والفائدة عنونه المؤلف بـ(أدب الرحلات) مقتبساً مادة هذا الفصل من كتاب قيم للأستاذ الحقيل بعنوان (رحلات وذكريات) ، حتى إن الأستاذ الحقيل يكاد يغنيك عن ( السَفَر ) بِدِقة وصفه في هذا (السِفْر) الجميل الذي سطرته أنامل الأديب الرحالة.
ثم نصل إلى ما حظي به الأديب الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل من حضور ثقافي واسع على مستوى العالم العربي ، من خلال (المؤتمرات والندوات والدراسات والأبحاث) التي قاربت الخمسين ما بين : مؤتمر ، وندوة ، وملتقى ، ومنتدى ، ومحاضرة ، في المملكة والخليج والدول العربية.
ويختم المؤلف فصول هذا الكتاب الماتع بـ(صور من التكريم) للأستاذ الكبير على مستويات رفيعة من مثل مقام خادم الحرمين الشرفين ( ولي العهد آنذاك ) حفظه الله تعالى ، ومثل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز حفظه الله تعالى ، وأصحاب السمو ، والمعالي ، والسعادة ، ويشير إلى(مصادر ومراجع عن سيرة عبد الله بن حمد الحقيل)ويلحق الكتاب بصور للأديب الحقيل في (من ذاكرة الصور) .
وختاماً فإن عرض الأستاذ (عبد الله الزازان) لسيرة رجل في مستوى الأستاذ عبد الله بن حمد الحقيل ، إن هذا العرض يضيف على الساحة الأدبية إضافة بالغة الأهمية ، ويربط الجيل الحالي بالجيل السابق وفي كلٍّ خيرٌ ، ولعل في الوقوف على أمثال هؤلاء المؤسسين يزداد أهمية بضرورة المحافظة على هذه المقدرات الثقافية والمخرجات التعليمية التي تزخر بها بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية ، فشتان بين سواعدَ تبني ومعاول تهدم ، أيها الأستاذ الكبير (عبد الله بن حمد الحقيل ) لقد غرستم أشجار الزيتون فأكلت منها أجيال متتابعة ولسان حالكم يقول لجيلنا اغرسوا أيها الشباب في أرض وطنكم المعطاء فأرضه خصبة وتربته مباركة لعلها أن تؤتي ثمارها ولو بعد حين ، وكأني بوحي هذه السيرة العطرة يقول للجيل الناشىء : إن من كان يسافر إلى الحجاز مسيرة عشرة أيام صار يطير اليوم في الدرجة الأولى ليصل مبتغاه في سويعات ، فلا تتعجلوا الثمرة أيها الناشئة واقرؤوا مثل هذه (السِيَر) وواصلوا (السَير).

د/ إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل

15/3/1428هـ

2010/03/09

مجلس سلمان شاهد عيان


بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس سلمان شاهد عيان

ينتابني شعور الفخر كلما غشيت مجلس صاحب السمو الملكي الأمير ( سلمان بن عبد العزيز آل سعود ) أمير منطقة الرياض ، مجلس ذلك الأمير المحبوب ، الذي إن سكت نطقت عيناه بما يكن لمواطنيه من محبة ، ولزائريه من تقدير ، وإن نطق فلا تسل عن حكمة متدفقة ، وتجارب حياة عامرة ، وموروث معلوماتي يصح أن يُسمّى ( موسوعي ) ، وقدرة على ترتيب الكلام ترتيبًا منطقيًا ربما لا يتمكن منه من يكتب الكلام كتابة ، فضَلا عمن يرتجُله ارتجالاً كما هو الشأن مع الأمير ( سلمان ) !
في هذا المجلس العامر المتكرر انعقاده أسبوعيًا ، ترى العجب من إلمام سمو الأمير بقضايا التاريخ في عصوره المختلفة ، واستحضاره الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية – على صاحبها الصلاة والسلام – واستشهاد بأشعار العرب وقصصهم ، وربط ذلك كله بالواقع بأسلوب راقٍ بعيدٍ كلّ البعد عن التكلف ، يلقى على الحضور محاضرة فكرية في أسلوب ( حديث مجالس ) يأخذ بعضه برقاب بعض ، وتدعو الكلمة فيه أختها ، وترتبط اللاحقة بالسابقة ، ولا تنفر السابقة عن اللاحقة !
في مجلس الأمير ( سلمان ) إن شئت أن تطلع على الواقع المعاصر اطلعت عليه من رجل الواقع والمسئولية بنظرة ثاقبة حكيمة ، وإن شئت التحليق في سماء الفكر فإن الفكر الرزين ينصب إليك انصبابًا، وإن تاقت نفسك إلى حكمة شاردة أو مثل شائع فلن تفتقده في حديث سموه ، وإن تطلعت نفسك إلى ترويح في الحديث فإن الابتسامة الصادقة، والطرفة الحاضرة تتخلل أحاديث سموه وتزيّنه وتزيده قبولاً .
وفي مجلس ( الإثنين ) الماضي تطرق سموه إلى أحاديثَ أكادُ أجزمُ أنّ محاضرًا بارعًا ومتحدثَا مفوّهًا لو حاول محاكاته لأعياه الأمر ! فقد تحدث سموه عن قضايا عديدة، كان منها شهادته الجميلة لأبناء وطننا الغالي ، لشبابنا الكرام بأن ( الأغلبية الساحقة منهم متوسطون ) وأن من يخالف منهج الوسطية في مجتمعنا ( فئة قلية ) وهم على طرفي نقيض ، إما ( متشددون في الدين ) ، وإما ( لا دينيون ) والتعبير لسموه الكريم ، وأن كلاً من هذين الطرفين بتصرفاته يذكي فتيل الطرف الآخر ، ثمَّ شبههم سموه بتشبيه عصري بديع ، وهو أن الفريقين المتطرفين كفريقي ( كرة قدم ) كلٌّ يلقي الكرة على الآخر ، فيردها الآخر عليه ! ويا لَه من تشبيه – ليته وأمثاله مما يُهدى إلى كتب بلاغتنا العربية المحتاجة إلى ( عصرنة ) في بعض أمثلتها –
وما أجمل ما أشار إليه سموه في أسلوب يأخذ بالألباب عندما أشار إلى فرحه بمن يهدي إليه النصيحة بآدابها المعروفة مستشهدًا سموه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيح " الدين النصيحة " ، مبيّنا أن مَن له حق فليبيِّنه بدليله ، ولو أن حقّه ( حُقيق ) كما يقول سموه متبسِّمًا ، وإن أعجب فَعجبي من رَجل بحجم الأمير ( سلمان بن عبد العزيز ) لم يُشغله منصبُ أو يُلهِه عمَلٌ أو تأخذه أضواء ، لم يُشغله ذلك كلُّه عن الحقيقة التي لا مراء فيها ولا جدال ، تلكم هي حقيقة الحياة أو كما عبَّر عنها سمّوه بأن الإنسان مهما بلغ فسوف يدخل في ( حُفيرة صغيرة ) ذلكم هو القبر ، ثم قال أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأين مؤسس هذه البلاد ؟ وغيرهم الكثير كلهم في القبور الآن ! يا لها مِن موعظة أمير ، وموعظة الأمير أميرة المواعظ !
إنَّ متحدثّا مثل الأمير ( سلمان ) يملك أن يجبرك على الابتسامة لشاردة أوردها ثم هو في المجلس ذاته يلزمك – بطوعك – أن تغرورق عيناك بالدمع لموعظة صادقة نطق بها ، إن هذا المتحدث لهو أهل أن يُحبَّ ويُحترم ، ويُدعى له بظهر الغيب بكل دعاء صالح .
وإنَّ مجلس الأمير ( سلمان بن عبد العزيز ) الذي فيه يُرى احترام الرجال ، وصدق المحبة والوفاء ، وتجمع الأطياف ، وتعانق القبائل والأجناس ، إن هذا المجلس يصحّ أن يُطلق عليه دون مبالغة ( مجلس سلمان شاهد عيان ) حقًا إن مجلسكم يا سمو الأمير مفخرة العاصمة ( الرياض ) كما هو الشأن فيكم يا صاحب المجلس ، وبحفظ الله دمتم .

د / إبراهيم بن عبد الله السماعيل

23 / 3 / 1431 هـ
ias1429@gmail.com

صيفنا اللهاب



بسم الله الرحمن الرحيم


صيفُنا اللَّهابُ


يحفل تراثنا العربي بكمٍّ غير قليل من ذكر (الصيف) في شعره ونثره ، فمن واصفٍ للصيف ، ومن مادح لبعض جوانبه ، ومن ذاكرٍ لخصائصه ، ومن مبيِّنٍ لمحاسنه ، ومن آخرَ مشيرٍ لمساوئه .
فهاهم يصفون الشيء السريع الزوال بسحابة الصيف التي لا تمكث في السماء كثيراً ، ولهذا فمن أمثال العرب المشهورة :سحابة صيفٍ عن قليلٍ تنقشع ، ومن ذلك أخذ شاعرهم هذا المعنى، فقال:
وما المالُ إلاّ مُزْنُ صَيفٍ وقلَّما يدومُ ويجدي للصَّدى ذلكَ الطشُ


ومن مزايا الصيف التي ذكرها العرب قديماً أن الرؤوس تُكشف فيه هروباً من الحرارة، وفراراً من أي عبءٍ حتى ولو كان عبءَ اللباس :
لو قدْ أتى الصيفُ الذي فيهِ رؤوسُ الناسِ تُكشفُ

وإذا كانت حرارة الصيف تستلزم مزيدَ عنايةٍ بالدواب ؛ إكراماً لها ، وصوناً لها من الهلكة ، والإعياء ، فإنَّ العربَ تفطنوا لذلك ، وأثنوا على الدواب التي تنال قَدْراً من الإكرام، ومدحوا صاحبها المشفق عليها ، فقالوا :
جيادُكَ في الصيفِ في نِعْمَةٍ تُصانُ الجلال وتُنطى الشَّعيرا

بل إنَّ هناك (دلعاً) خاصاً للبرذون الذي يتمتع بإجازته السنوية في فصل الصيف ، فها هو الجاحظ يقول : ولو طحن ( البرذون ) يوماً واحداً في الصيف لسقط .
ولعل (البرذون) معذور في عدم عمله في الصيف ، ذلك أن الصيف قد يحرق المنازل ، فقد ذكروا أن الحيرة أرض باردة في الشتاء، وفي الصيف ينزعون ستور بيوتهم مخافة إحراق السمائم لها .
وإذا كانت بعض نسائنا يضجرن من ولادتهن في فصل الصيف لما يلاقين من مكابدة الصيف ، ويتضمرنَ من حرارة الجوّ ، فإنا نقول لنسائنا هؤلاء : من العزاء لكنّ أن تعلمن أنَّ خلقاً من خلق الله تعالى لا يلد إلى في الصيف ، فهذه كتب الأدب تذكر لنا أنَّ (الدلفين) له لبن، ويرضع، ويحمل عشرة أشهر، وتلد في الصيف ولا تلد في زمانٍ آخر ألبتة ، فبعد حمل عشرة أشهر تلد في الصيف ، ولله في خلقه شئون !
وإليك أيها القارىء الكريم هذه الحكاية الطريفة : قال إبراهيم بن السندي: نظر رجلٌ من قريش إلى صاحب له قد نام في غداةٍ من غدوات الصيف طيبة النسيم، فركضه برجله وقال: ما لك تنام عن الدنيا في أطيب وقتها، نم عنها في أخبث حالاتها، نم في نصف النهار لبعدك عن الليلة الماضية والآتية، ولأنها راحةٌ لما قبلها من التعب، وجِمامٌ لما بعدها من العمل، نمت في وقت الحوائج، وتنبهت في وقت رجوع الناس ( لم يقتصر تلذذهم على ليل الصيف ، بل حتى فيما يقرب منه ، ربما كانوا " يواصلون " ، وقد يكون السبب أنه ليس عندهم سوق أسهم ، يجبرهم على القيام ضحى الصيف !! )

وإذا كان الناس لا يكادون اليوم يملكون أنفسهم عند رؤية البطيخ ، فإن أسلافهم العرب قد ذكروا شدة ولعهم بالبطيخ في فصل الصيف ، فهذا شاعرهم ( العيّار ) يرسم أحلى دعاية مجانية لبائعي البطيخ فيقول :
ومن لم يكن في الصيفِ بطيخُنا له فكيف يرجّي عمره ويعيش؟!

لكنَّ بعض الناس لا يروق له شيءٌ في الصيف ؛ لأن حرارة الصيف تذهب رونق الفواكه وتمنع لذة الأكل:
إنَّ كان في الصيف أثمارٌ وفاكهة فالأرضُ مستوقدٌ والحَرُّ تنورُ

ومن بدائع تشبيهات العرب أنهم يشبهون الشيء الطويل الممتع المتعب بنهار الصيف، لطوله وعدم إمكان الحركة فيه ، وعدم القدرة على النوم فيه ، فها هو الشاعر يقول :
لنا صديقٌ مليحُ الوجهِ مقتبلٌ وليسَ في ودِّهِ نَفعٌ ولا بَرَكَهْ

شبَّهتُهُ بنهارِ الصَّيفِ يوسِعُنا طُولاً ويمنعُ مِنَّا النَّومَ والحَرَكَهْ

ومن طرائف ما يُنسب إلى (جحا) إشارته إلى أن فصل الصيف ربما أذاب الإنسان من حرارته ، قيل لجحا: ما لوجهك مستطيلاً؟ قال: ولدتُ في الصيف ، ولولا أن الشتاء أدركهُ لسال وجهي .
ولأنَّ من عادة العقرب أنْ تؤذي الناس صيفاً فإنها تختفي عنهم شتاءً : قيل للعقرب: لم لا تشمسين في الشتاء مع الناس ؟ قالت: من كثرة إحساني إليهم في الصيف !!
ومن العجائب أن بعض (سهرات) الصيف تبدأ بلهوٍ وتنتهي إلى ما لا تُحمد عقباه، ومن ذلك أن الحسين بن الضحاك شرب يوماً عند إبراهيم بن المهدي، فجرت بينهما ملاحاةٌ في أمر الدين والمذهب، فدعا له إبراهيم بنطع وسيف وقد أخذ منه الشراب، فانصرف وهو غضبان. فكتب إليه إبراهيم يعتذر إليه ويسأله أن يجيئه. فكتب إليه:
نديمي غير منسوب إلى شيءٍ من الحيفِ

سقاني مثل ما يشرب فعلَ الضيفِ بالضيفِ
فلما دارت الكأسُ دعا بالنّطعِ والسيفِ

كذا من يشرب الخمر معَ التنينِ في الصّيفِ
قال: ولم يَعُدْ إلى منادمتِهِ مدةً .

وأخيراً فأعاننا الله تعالى على شكر النعيم الوارد في قوله تعالى: " ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم " قالوا: النعيم: الظلُّ ، والماء البارد في الصيف.

د/ إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل

10 / 6 / 1428 هـ

2010/03/03

تم افتتاح المدونة

بسم الله الرحمن الرحيم

تم إنشاء المدونة بتاريخ
16 / 3 / 1431